للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: الخُرُوجُ من أرض يُسَبُّ فيها (١) السَّلَفُ، وقد قال مالك: "لا يَحِلُّ لأحد أن يُقِيمَ بأَرْضٍ يُسَبُّ فيها (٢) السَّلَف" (٣)، وهذا الفقه صحيحٌ؛ وذلك أن المُنْكَرَ إذا كان معك لم يَحِلَّ لك أن تكون معه إذا لم تَقْدِرْ على تغييره، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٦٨].

[سَجْنُ الطرطوشي خمس سنين]:

وقد كُنْتُ أُكَلِّمُ شيخنا الفِهْرِيَّ في مُقامه بها، فيقول: "لا آمَنُ من (٤) الإِذَايَةِ"، فلم يَمُرَّ به إلا قَلِيلٌ فقُصِدَ بالمطالبة، وسُجِنَ خمسة أعوام، في صُورَةِ بِرٍّ وإِكْرَامٍ، والله يرفعه في أعلى الدرجات بحُسْنِ نيته، وسَدَادِ طريقته برَحْمَتِه.

[[تتمة أقسام الهجرة]]

الثالث: الخروج من أجل الإذاية على النفس، وهي وإن كانت داخلة في القِسْمِ الأوَّل، ولكنها تَنْفَرِدُ عنها بأن النبي خرج (٥) خائفًا، وإلى بقعة تمهَّد (٦) فيها الإسلام، وهذا يَخْرُجُ لمُجَرَّدِ (٧) الخَوْفِ.


(١) في (س): فيه.
(٢) في (س): فيه.
(٣) الانتقاء لابن عبد البر: (ص ٧٢)، وينظر: أحكام القرآن: (١/ ٤٨٤).
(٤) سقطت من (ص) و (د) و (ز).
(٥) في (ص) و (ف) و (س): في القسم، وضرب عليها في (د).
(٦) في (ص): يتمهد.
(٧) في (ص) و (د): بمجرد.