للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى لنا - رأفة وامتنانًا، ورحمة وإحسانًا -: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥]، فسهَّل لنا وذلَّل، وبنُو إسرائيل صعَّب عليهم وعلَّل (١).

[حديثُ ابن العربي عن رحلته وما لَقِيَه من أهل بلده]:

وقد قال الله سبحانه للنبي (٢): ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١]، وأنا أحمدُ الله إليكم، وأشكره لديكم، وأُثني بآلائه عليَّ عندكم، وأُحَدِّثُ بنِعَمِه عندي بين ظَهْرَانَيْكُمْ:

خرجتُ سنة خمس وثمانين وأربع مائة في طلب العِلْمِ؛ وبُرْدُ الشَّباب قَشِيب، وكأس الفتوة قَطِيب، وغصن الأماني رَطِيب، ودَوَّخْتُ من الأندلس إلى العراق، فِعْلَ الصفَّاق الأفَّاق، وأَنخْتُ بكل (٣) حضرة، في عيشة نَضِرة؛ دين قائم، وبؤس نائم، وأُكْلٌ دائم، وأمن مُتَّصِل، وبِرٌّ وإكرام غير منفصل، وعِلْمٌ جَمٌّ، وإقبال عَمٌّ، وعلماء رُفَعاء؛ بُحُورٌ زاخرة، وأنجم زاهرة، وملوك جَمَعَ الله فيهم الدين والدنيا، وأطاب بحراهم (٤) الممات والمحيا، تفيض أيمانُهم (٥) على الضيف، ويأمن جارُهم من الحيف، أبصارهم عن المعايب مغضوضة، والمحاسنُ بعين المَبَرَّةِ لديهم ملحوظة، فأَقَمْنَا مع كلا الطائفتين في دَوْحٍ وارفة الظلال، وقَطَفْنا ثَمَرَ الأماني متصلة


(١) لطائف الإشارات: (١/ ٤١٦).
(٢) قوله: "للنبي " لم يرد في (ص) و (ب) و (ك).
(٣) في (ك): في كل.
(٤) في (د) - أيضًا -: بطيبهم.
(٥) في (د) - أيضًا -: بركاتهم.