ويقتضي النظر في هذه الأسماء النظر إلى ما قيَّده القاضي أبو بكر في "الأمد الأقصى"؛ في فصل التنزيل، لبيان اختصاص العبد من اختصاص الرب، وموازنتها بما تحصَّل هنا.
فإذا نظرنا إلى ذلك ظهر نوع موافقة، ونوع مجانسة؛ فإنَّ ما يراد من العبد في تعلقه بالأسماء والصفات قد سبق التمهيد إلى بعضه في فصل التنزيل من كتاب "الأمد الأقصى"، فيُقْرَنُ كل اسم مع موافقه ومماثله.
السَّادس: هل سُبِقَ ابنُ العربي إلى هذا النظم والترتيب؟
بعد نظر في عدد وافر من كُتُبِ الزهد والوعظ والتذكير لم يظهر لنا أن القاضي أبا بكر قد سُبِقَ إلى هذا النمط من الترتيب، ولم نر من أقام كتابه على هذا النوع من التأليف، وكما كان صنيعه في "الأمد الأقصى" مغايرًا لما أَلِفَه الناس واعتادوه، كذلك فعل هنا في "سراج المريدين".
ولم تقع المشابهةُ إلَّا في أسماء وصفات معدودة، كما هو الشأن في الرجاء والخوف، والصبر والشكر، فكانَا قريبين من نَظْمِهما عند أبي طالب وأبي حامد، وسائر الأسماء استقلَّت في الترتيب عن نظيراتها في كُتُبِ الزُّهْدِ والتذكير.
وتفرَّد "سراج المريدين" باحتوائه على أسماء وصفات لم يقع النظر فيها في كُتُبِ المتزهدة، وهي كثيرة جدًّا، كاسم "الفقيه"، و"الحافظ"، و"القاضي"، و"الخليفة"، و"الملك"، و"الأمير"، وغيرها.