للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكُمْ﴾ (١) إذا وجب العذاب عليكم، ولو شاء ربنا لكانت الدعوة واحدة، والحجة خالصة من الشُّبْهَةِ، ولكن هذا كله مقتضى الحكمة.

قال الإمام الحافظ (٢) : وهذا الدعاء كله والهداية لا تكون الإجابةُ فيها والقبول إلَّا بلُطْفِ الله وتيسيره، وخَلْقِ ذلك لمن يخلقه له، وتَفَضُّلٍ (٣) عليه به، كما قال: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ [الكهف: ١٧]، وقال: ﴿إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٧١]، وقال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ [النحل: ٣٧]، ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: ١٧].

[الهُدَى هدى الله]:

فبيَّن بقوله: ﴿إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾، أن كل داع وهادٍ وإن بذل الجهد فيما فُرِضَ عليه من التبليغ؛ فإنَّ الهدى هو مِلْكٌ لله وخَلْقٌ له، يختص برحمته من يشاء (٤) بالنبوة، ويختص بالإيمان، ويختص بالعلم، ويختص بالعصمة، ويختص بالعمل الصالح، ويختص بالخَلْقِ الحَسَنِ، ويختص بالأخلاق الحِسَانِ، ويختص بالعافية، ويختص بالرزق، ويختص بإصلاح السريرة، وكذلك إلى ما لا يُحصى من الخيرات؛ ولهذا قال: ﴿وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٣]، بيَّن أن المعبود هو القادر على تَوْفيقِ المدعو وهدايته، وإذا لم يهب التوفيقَ فدعاؤك وسكوتك سواء.


(١) في النسخ: وستذكرون.
(٢) في (ب): قال الإمام ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٣) في (ك) و (ب) و (ص): يتفضل.
(٤) في (ك) و (ب) و (ص): يختص، وضرب عليها في (د).