للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّائِمُ: وهو الاسمُ الحادي والعشرون

مُقَامًا (١) لشُكْرِ نِعَمِه (٢)، بتَسْوِيغ الغذاء من الطعام والشراب، فإنَّ الصحة واستواء الأعضاء لا يعادلهما شيء، وبالحَرَى أن تقوم بها الصلاة بفَضْل الله، فتبقى نعمة الغذاء وهي مادة البقاء، شَرَعَ الله له الإمساك عنها بنيَّة العبادة شُكْرًا، ووعد عليه مثوبة وأجرًا، وأَوْسَعَه ثَنَاءً وفَضْلًا، ولو لم يَكُنْ إلَّا قوله تعالى: "الصَّوْمُ لي وأنا أَجْزِي به" (٣).

وقد كان الصَّوْمُ في شَرْع من مضى على أَصْلِه في العربية: الإِمْسَاكُ عن الكلام والشراب والطعام (٤)، قال الله تعالى مُخْبِرًا عن الصَّالحة: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: ٢٥].

وكان الصَّوْمُ في أوَّل الإسلام الليل والنهار إلَّا سَاعَةَ الفِطْرِ قبل النَّوْمِ، ثم رَحِمَ الله هذه الأمة فجعل للصَّوْم النَّهَارَ دون اللَّيل.

وقالت الصُّوفِيَّةُ: "الصَّوْمُ على ثلاثة أقسام؛ صَوْمٌ عن الطعام والشراب والوَطْءِ، وصَوْمٌ عن جميع المُحَرَّمَاتِ، وصَوْمٌ عمَّا سوى الله تعالى، فلا يَنْظُرْ إلى غيره، وليُمْسِكْ عمَّن سواه" (٥).


(١) خبر فكان، وفي (د): فقامَا، وفي (ص): قيامًا.
(٢) في (د): نعمة.
(٣) أخرجه الإمام مالك في الموطَّأ عن أبي هريرة : كتاب الصيام، جامع الصيام، (١/ ٣٥٦)، رقم: (٨٦٤ - المجلس العلمي الأعلى).
(٤) ينظر: شرح ابن بطَّال: (٣/ ١١)، والعارضة: (٣/ ٢٣٠).
(٥) ينظر: لطائف الإشارات: (١/ ١٥٢)، والإحياء: (ص ٢٧٧)، وقوت القلوب: (٣/ ١٢٤٥)، وينظر - أيضا -: العارضة: (٣/ ٢٣١).