للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عورة؟ أم على أميره الذي لا يَرْعَى فيه إلًّا ولا ذِمَّةً؟ أم على فَقْدِ صَبْرِه الذي يغلبه على الانفراد عن الخَلْقِ، والاستبداد بالربِّ؛ حين لم يَجِدْ سواه، ولا رأى حُسْنًا في غيره؟ أم على عَدَمِ مَحَلِّ الهجرة حتى يخرج عن هذه الأمة إلى موضع يَأْمَنُ فيه ما يتوقع من نِقْمَةٍ؟ " (١).

وقال : "ثم جاء القَدَرُ بفُرْقَةٍ غَشَتِ القلوب حُرْقَةً، فلَبِسَ ثوبَ الحزن بقيَّة الدهر حين فَقَدَ أولئك الأصحاب، وحال القَدَرُ بينه وبين أولئك الأحباب، استبدل الأُنْسَ بالوحشة، والعلماء بالجهَّال، والأولياء بالأعداء، والمعين بالقاطع، وأَخَذَ الضارَّ بدلًا من النافع، وجَالَسَ الزاهد في العلم عِوَضًا من الراغب، وخَالَطَ الأَبِيَّ عن الطريق، النَّافِرَ عن الشريعة؛ بعد المُرِيدِ للعبادة، السَّالك سبيل الإرادة، وثَافَنَ الحاسد" (٢).

وبهذا يكون هذا "السراج" قد تضمَّن شيئًا كثيرًا ممَّا له تعلق بأحوال ابن العربي مع أهل بلده، وشانئيه من أهل قطره، ويُفَسِّرُ لنا بعضًا من ملامح السيرة العلمية بالأندلس، فهو مصدر لا غنًى عنه لمن أراد التأريخ المفيد لحركة العلم والعلماء بهذا البلد.

الفصل الثاني: أخبارُ رحلته

وإنَّما أَذْكُرُ فيه ما نَثَرَ في كتابه هذا، ممَّا له تعلق برحلته؛ ابتدائها وانتهائها، وصحبته لوالده، والبلدان التي دخلها، والأقطار التي عاش بها، ومشيخته العلمية والزُّهْدِيَّة، ومقروءاته ومسموعاته، ومناظراته، وما له تعلق بهذا الفصل، على حسب الوُسْعِ والطاقة.


(١) سراج المريدين: (٢/ ١٠١ - ١٠٢).
(٢) سراج المريدين: (٤/ ٣١٥ - ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>