للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كلمة هذا المفتي: "فنُمِيَ ذلك إليَّ، فقلتُ: من قال هذا يستتاب، فإن تاب وإلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُه، وجعلتُ أسرد الأحاديث في ذلك" (١).

ومن ذلك -أيضًا- ما ذكره في موضع آخر من كُتُبِه، قال : "كُنَّا تذاكرنا في مجلس المَلِكِ آداب الأكل، فقلت: هي نَحْوٌ من مائة وخمسين، فقال بعضُ الحاسدين من المترسِّمين بالفتوى: ما جمعها اللَّوْحُ المحفوظ قَطُّ، فأطلق الحسدُ لسانَه حتى أَوْقَعَهُ في الكفر، وسألني المَلِكُ جَمْعَها ففعلتُ، فخُزِيَ المسكين، وباء به إلى حزبه اللعين" (٢).

وفي موضع آخر: "وقد كنتُ أفعل ذلك أيام تَوَلِّي الحكم، إلَّا أني كنت محفوفًا بالجهال، فلم أُحِبَّ تَسْبِيبَ (٣) المقال للحسدة الضُّلَّالِ" (٤).

وممَّا يدخل في هذا المبحث ما كان يَبُثُّه من شكواه في "سراجه"، ويرفع به عقيرته في مَنْشَطِه ومَكْرَهِه؛ نفثة مصدور، وكلمة مقهور، قال : "وقد عَظُمَ الخَطْبُ في هذا الزمان، حتى لا يَدْرِي العَبْدُ على أي شيء يَبْكِي؛ أعلى فوات دنياه؟ أم على ذهاب دينه؟ أم على إخوانه في القربات؟ أم على أعوانه على الصالحات؟ أم على دروس العلم وطُمُوسِه؟ أم على اتفاق الخَلْقِ على إنكار المعروف وتعريف المنكر؟ أم على نفسه التي لا تطاوعه على طاعة؟ أم على عِرْسِه التي تطالبه بما ليس له به طاقة؟ أم على ولده الذي لا يَرَى فيه للعين قُرَّةً؟ أم على جاره الذي لا يُغْضِي له


(١) سراج المريدين: (١/ ١٠٠).
(٢) العارضة: (٧/ ٤٢١).
(٣) في المنشور من الأحكام (٣/ ١٠٦٦): أجب بسبب، وهو تصحيف.
(٤) أحكام القرآن: (٣/ ١٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>