للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مؤانسةُ رسول الله بالتوكُّل حين تعرضه لأذى المشركين]:

وقد آنَسَ الله رَسُولَه (١) بالتَّوَكُّلِ عن مَذَلَّةِ المشركين؛ حين طرحوا عليه النَّجَاسَةَ وهو سَاجِدٌ، وخَنَقُوهُ بثَوْبِه حتى كاد يَمُوتُ، بقوله له: ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (٢)، أي: أنت (٣)، أنت (٤) عبده، فليست هذه مَذَلَّةً؛ لأنها تحت قدرة الإزالة.

وإذا سكَتَ القادرُ على السَّبِّ عن الجواب (٥) فهو جَوَابٌ في عِزٍّ، وإذا (٦) عفا عن الانتصار مع القدرة فهو غاية الجاه والتَّمَكُّنِ (٧).

ثم قال: ﴿الرَّحِيمُ﴾، معناه: أنه ما مَكَّنَ منك إلَّا رَحْمَةً لك، ورحمةُ الله تُدْرَكُ بالإذاية أكثر من العناية؛ لحكمة بالغة ليست من هذه العلوم الأربعة (٨).


(١) بعده في (ك) و (ص): "التأنيس من المذلة"، وضرب عليه في (د).
(٢) في النسخ: وتوكل.
(٣) قوله: "الرحيم" أي: أنت" سقط من (ك) و (ص).
(٤) في (ك) و (ص): وأنت.
(٥) في (ك): عن الجواب على السب، وفي (د) و (ص): على الجواب على السب، ومرَّضها في (ص)، والمثبت صحَّحه بطرته.
(٦) سقط من (ك) و (ص).
(٧) في (د): التمكين.
(٨) القَصْدُ هنا بالعلوم الأربعة حسب تقسيم الإمام ابن العربي - وهي على الوِلاء -: التوحيد، والناسخ والمنسوخ، والأحكام، والتذكير، فلعله يُليحُ إلى قسم آخر من علوم القرآن؛ وهو علم السياسة الشرعية، والله أعلم.