للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَحْسَنُ الكَرَمِ ما يكون من قِبَلِ الوُلَاةِ؛ فإنَّهم خُزَّانُ أموال جماعة المسلمين، وما من أحد إلَّا له عندهم حَقٌّ، أَعْطَوْهُ أو مَنَعُوهُ، فإذا جاؤوا به لأربابه كَرُمَتْ ذواتهم، وطابت صفاتهم، وصَفَتْ حالاتهم، وعلت درجاتهم، وتضاعفت بركاتهم.

[جُودُ أبي الفتح مَلِكْشَاه]:

وما رأيتُ في رحلتي، نعم؛ ولا في مُدَّتِي، واليًا جوادًا، بل رأيتُ وعاينتُ من المسرفين جُمْلَةً، ومن المُنْفِقِينَ في غير وجهه عِدَّةً، حاشا أبو الفتح (١) بن مَلِكِ خراسان البَارَسْلَان (٢).

[التعريف بخواجا بُزُرْك ومكارمه]:

ووزيرُه أبو علي خَوَاجَا بُزُرْك (٣)، كان قَبْلَ أن يَزِرَ صُوفِيًّا ففيرًا، يمشي على قدميه من مسجد الأقدام بمصر إلى أرض تُرْكُسْتان وما وَرَاءَ جَيْحَان في


(١) السلطان جلال الدولة، مَلِكْشَاه بن السلطان ألب أرسلان السُّلْجُوقي، تـ ٤٨٥ هـ، له أعمال وصنائع، مع هيبة وجلالة، وحلم وبذل وجود، ترجمته في: سير النبلاء: (١٩/ ٥٤ - ٥٨).
(٢) كذا في النسخ، وفي المصادر التاريخية: ألب أرسلان.
(٣) هو الوزير نظام المُلْكِ، الحسن بن علي بن إسحاق، أبو علي الطوسي الشافعي الأشعري، (٤٠٨ - ٤٨٥ هـ)، أَوَّلُ من بنى المدارس في الإسلام، قال فيه ابن عَقِيل: "بهر العقولَ سيرةُ النِّظام؛ جُودًا وكَرَمًا وعَدْلًا، وإحياءً لمعالم الدين، كانت أيَّامُه دولةَ أهل العلم، ثم ختم له بالقتل وهو مَارٌّ إلى الحج في رمضان، فمات مَلِكًا في الدنيا، مَلِكًا في الآخرة"، ترجمته في: سراج الملوك: (٢/ ٥١٣ - ٥١٥)، وسير النبلاء: (١٩/ ٩٤ - ٩٦)، والوافي بالوفيات: (١٢/ ٧٧ - ٧٩)، وأجل ترجمة له ما رَقَمَهُ التاج السُّبْكِي في طبقاته: (٤/ ٣٠٩ - ٣٢٨).