للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعضهم:

أَرْضٌ مُصَرَّدَةٌ وأخرى تَثَجَّمُ (١) … منها التي رُزِقْتَ وأخرى تُحْرمُ

وإذا تأمَّلتَ البلاد وجدتها … تُثْرِي كما يُثْرِي الرجال وتُعْدِمُ (٢)

[نَفْيُ الجهة عن الله تعالى]:

وهو سبحانه يختص بتفضيله ما يشاء، كما يختص برحمته من يشاء، والغِيرَانُ وإن كانت مأوى الحيَّات فإنها مأوى المَكْرُمَاتِ، ويا شرف الغار إذ قيل فيه عن العزيز الجبار: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾، وهما في الغار، فتَعِسَ أصحابُ الجهة الذين يطلبون الله في العرش، وهو مع النبي في الغار، وبين الناس وبين رؤوس رحالهم إذا ركبوا في الغزو ودَعَوا، وهو المُتَقَدِّسُ عن النسبة إلى مكان؛ من العَرْشِ إلى الفَرْشِ، بل هو بعد خلق العرش والمخلوقات كما كان قبل ذلك؛ لم يتغيَّر بمخلوقاته، وإنما يُقَرِّبُه (٣) النجوى والقُرَبُ، وتُبَاعِدُه الذنوبُ والرِّيَبُ.

[من مناقبِ أبي بكر الصدِّيق]:

فصار أبو بكر ثانيه في الإيمان، ثانيه في الغار، ثانيه في الولاية، ثانيه في المدفن، ثانيه في الجنة كما أخبر، أنزل الله سكينته على المؤمنين عمومًا بقوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح: ٤]، وخَصَّ أبا بكر وحده، فقال: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ


(١) في (ب): تُنْجَم.
(٢) البيتان من الكامل لأبي تمام، من قصيدته وهي في ديوانه: (١/ ٥٤٤).
(٣) في (ك): تقربه.