وقد كنتُ أفضتُ في "أَنْوَارِ الفَجْرِ بمَجَالِسِ الذِّكْرِ" في أنواع العلوم الشريفة؛ من التوحيد، والأحكام، ومقامات الأعمال، وآفات القلوب والأحوال؛ ما سارت به الرُّكبان، وتعطَّر بأَرَجِه الزمان، وضَعُفَتْ عن تحصيله الأركان، وقُيِّد منه ما قُيِّد، وشُرِّدَ منه ما شُرِّدَ، واسْتَفَأَتِ الآفاتُ كثيرًا منه، ونَسَفَتْ أَرْوَاحُ النوائب جملةً ممَّا كُنَّا فَرَغْنَا عنه، وكان من أهم ما يُقبَل عليه؛ تقييدُ ما يتعجَّل الخلقُ منفعتَه، فخرج "الأَمَدُ الأقصى في أسماء الله وصفاته"، و"ناسخُ القرآن ومنسوخه"، و"أحكامُه"، و"قانونُ التأويل"، وكتابُ "العواصم"، و"القَبَسُ من أنوار مالك ﵁ في كتابه"، و"العِوَضُ المحمود"، وهو مُفَرَّقٌ عند الناس، وبقي عِلْمُ التذكير المتعلق بالأعمال والمقامات، وسَنَحَ خاطرُ خَيْرٍ في العَطْفِ إليه، وجنحت القواطعُ قليلًا عنه، فنسأل الله العون عليه.
وقد كنتُ وَقَفْتُ على كثير من كُتبه ممَّا جَمَعَهُ أَرْبَابُ الذِّكْرَى؛ الذين أوَّلهم المُحَاسِبِي (١)، .........................................
(١) الإمام الزاهد، والعالم المتفنن، شيخ الصوفية، له كتب كثيرة في الزهد وأصول الدين، وشُهِرَ بالرد على القدرية والرافضة، وكانت له معرفة بمذاهب النُّسَّاك، وله رواية وحديث، مع معرفة بالفقه، توفي عام ٢٤٣ هـ، ترجمته في: الفهرست لابن النديم: (١/ ٦٥٨)، وطبقات الصوفية للسُّلَمي: (ص ٥٦ - ٦٠)، وحلية الأولياء: (١٠/ ٧٣ - ١١٠)، وتاريخ بغداد: (٩/ ١٠٤ - ١١٠)، وسير النبلاء: =