للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظهر لنا من هذا الذي قدَّمناه أن اختياره لهذا اللفظ الشريف- وهو: التذكير- اختيارٌ قائم على معنى معتبر، أَلَا وهو التعلق بأهداب القرآن العظيم، وهو أشرف الذِّكْرِ وأعلاه، ولاحَظَّ لمن حُرِمَ من التبصر في معناه وفحواه، ولا حظ لمن حُرِمَ من التدبر لآيِه وعباراته وإشاراته، مع الوقوف عند حدوده وأوامره، ومناهيه وزواجره، فكان هذا الاختيارُ مشاكلًا لما عكف عليه ابن العربي عُمْرَه، وأنفق فيه زهرةَ أيَّامِه، وأَبْهَجَ أعوامِه، معتنيًا بالذِّكْرِ، قائمًا بحق الفِكْرِ، غوَّاصًا على درره، مُنَقِّرًا عن جواهره، فمال عن كُلِّ لَفْظٍ مُحْدَثٍ؛ يراه غير مفيد لما أراده، أو مُنْقِصٍ لما هو بسبيله.

وهناك مسائل يحسن تتبعها لتجلية أمر هذا الكتاب، وتجلية طريقة ابن العربي فيه، بدءًا بالتسمية؛ مع ما بقي من متعلقاتها، وانتهاءً بالحال التي كان عليها ابنُ العربي في رياضة نفسه، مع ما أعقبه من زهد واعتمال، وهي مسائل ثلاثة:

[المسألة الأولى: كيف نظر علماء التصوف إلى "سراج المريدين"؟]

من أوائل من أدرجه ضمن كتب التصوف والوعظ الإمام الخُزَاعِي ت ٧٨٩ هـ، فذكره ضمن مصادر كتابه "تخريج الدلالات السمعية" (١)، وذكر معه كتاب "الإحياء" (٢) و"الرسالة" (٣)، فيكون هذا الكتاب على رأيه من كُتُبِ التصوف؛ وذلك لما فيه من تَعَرُّضٍ لمقامات العُبَّادِ، وطرائق الزُّهَّادِ،


(١) تخريج الدلالات السمعية: (ص ٧٩٣).
(٢) تخريج الدلالات السمعية: (ص ٧٩٣).
(٣) تخريج الدلالات السمعية: (ص ٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>