للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنها تجده موضوعًا في مكانه، فتعلم أنه من عند الله، لأن أَحَدَ القِسْمَيْنِ إذا انتفى؛ وهو أن يجري على يَدَىْ أَحَدٍ من الخلق، وَجَبَ أن يكون من جهة الخالق، وكلُّ قِسْمَيْنِ عقليين إذا زال أحدُهما تَعَيَّنَ الآخرُ.

[تفسيرُ قوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾]

وقد قال الله تعالى في صِفَةِ قَوْمٍ التزموا بابَه واغتلقوا (١) حِجَابَه: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: ٣٦ - ٣٧].

واختُلِفَ في قوله: ﴿تُرْفَعَ﴾ (٢):

فقيل: مفعوله مُضْمَرٌ فيها (٣)، التقديرُ: ترفع فيها الحوائج إلى الله ﷿.

وقيل - وهو الأصح -: تُرْفَعُ عن شأن الدنيا، وتُجَرَّدُ للآخرة، فإنها سُوقُها، وهي مناقصة لسوق الدنيا.

قال النبي : "أبغضُ البلاد إلى الله أسواقُها، وأَحبُّها إلى الله مساجدها" (٤)، والمساجد بيوت العبادة، والقلوب بيوت الإيمان والإرادة.


(١) في (س) و (ف): اخترقوا، وفي (س) - أيضًا -: في خـ: اعتلقوا، وصحَّحها.
(٢) ينظر: أحكام القرآن: (٣/ ١٣٨٩)، وتفسير الطبري: (١٧/ ٣١٧ - التركي).
(٣) سقطت من (س) و (ص) و (ز).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد، رقم: (٦٧١ - عبد الباقي).