للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، وهي جوارحه وحواسُّه، وضَمُّ نَشَرِ جُنْدِه، وهم غضبُه وشهوتُه وهواهُ، فإذا صرَّف هذه الأجناد في هذه الرعيَّة بحُكْم الشَّرْعِ ونُورِ العَقْلِ، وأطاعته الرعيَّة، وتصرفت الأجناد على مقتضى أَمْرِه ولم تَمْلِكْه، واستولى عليها ولم تغلبه؛ فهو مَلِكُ ذَاتِه.

فإذا مَلَكَ نفسَه طلب بعد ذلك النظر في مِلْكِ غير نفسه وتصريفها كما يجب (١)، وإلى هذا المعنى وقعت (٢) الإشارة بقوله: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾ [يوسف: ١٠١].

[[من محامد يوسف ]]

قال علماؤنا: "فذَكَرَه بلفظ ﴿مِنَ﴾؛ التي هي للتبعيض في رأي الضعفاء، ولابتداء الغاية في رأي الأقوياء، فيُوسُفُ أُوتِيَ بعض المُلْكِ على رَأْيِ أولئك، وأوتِيَ ابتداءَه على رأي الآخرين" (٣).

ليدُلَّ بذلك على أن المُلْكَ بالكمال لله، والمُلْكُ الذي أَعطى للعباد سبحانه قسمان: ظاهر، وباطن.

فالمُلْكُ الظاهر: الولاية.

والمُلْكُ الباطن: مِلْكُه لنفسه (٤).

حين راودته امرأة العزيز وهي مَلِكَة، مَالِكَتُه سيدة جميلة عَطِرَةٌ، في خَلْوَةٍ وأَمْنٍ، ففَرَّ منها ولم يلتفت إليها، ولا داناها ولا قاربها، وخرج


(١) في (ص): يحب.
(٢) في (د): وقعت.
(٣) لطائف الإشارات: (٢/ ٢٠٩).
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٢٠٩).