للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ما وقى المَرْءُ به عِرْضَه فهو صدقة" (١)، وكذلك ينبغي أن يشتري دينه ممَّن يمنعه (٢).

ولو أن ظالمًا قال لرجل: لا أُمَكِّنُكَ من الوَضوء والصلاة إلَّا بجُعْلٍ، لوَجَبَ عليه أن يُعْطِيَهُ، وهل كانت الهجرة وترك الأموال والأهل والوطن إلَّا للسَّيْفِ (٣)؟ وهي اليوم بَاقِيَةٌ على من آمَنَ في دار الحرب، أن يشتري (٤) الدِّينَ بتَرْكِ الأهل والمال والولد، فتَفَطَّنُوا لهذا فإنه دَقِيقٌ غابت عنه قلوب الغافلين.

[المجاورة بمكَّة]:

والمُجَاوَرَةُ بمَكَّةَ لها فَضْلٌ عظيم، وإني لأستحبُّها، ومن يجاور العبد مثل ربه، ولمن يأوي أكرم منه، وما أدري كيف قَدَرَ من يقول: "تُكْرَهُ المجاورة بمكة" (٥)؟ ولقد سمعتُ في ذلك تعليلات لا تساوي سماعها،


(١) أخرجه الدارقطني في سننه عن جابر مرفوعا: كتاب البيوع، باب الصلح، رقم: (٢٨٩٥ - شعيب)، والبغوي في شرح السنة: كناب الزكاة، باب كل معروف صدقة، رقم: (١٦٤٦ - شعيب)، وفي إسنادهما عبد الحميد بن الحسن الهلالي، وثَّقه ابن معين، ينظرة الكامل: (٥/ ٣٢٢)، وساق له هذا الحديث، فلعله ممَّا أنكر عليه، والله أعلم.
(٢) في (ص) و (د): منعه.
(٣) في (س) و (د) و (ص): السلف، وما أثبتناه صحَّحه في (د) و (ص) في طرتيهما.
(٤) في (ص): اشترى، وفي (س) و (ف) و (ز): إلا شراء.
(٥) هو قول جماعة من أهل العلم، منهم الإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام سفيان الثوري، والإمام ابن عُيَينة، فوت القلوب: (٣/ ١٢٦٥ - ١٢٦٦)، وينظر في اعتلالات الكارهين: المسالك: (٧/ ١٦٦).