للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حكاية]]

وقد كان بالصخرة المقدَّسة شيخ صالح معتكف، مُلَازِمٌ عُمْرَه لها؛ ليلًا ونهارًا، شاهدتُ هَدْيَه، وعبدتُ الله بُرْهَةً معه، وكان قد حَفَرَ قبرًا في الطُّورِ بإزاء مسجد عمر بن الخطاب بالسَّاهرة، فكان يخرج إليه كل خميس ويضطجع فيه، ويقول: "هذا يا نفسي بيتُك، هذا مأواك، هذه دارُك، ما ادَّخرت لها؟ ما أعددت فيها؟ وإليها عن قَرِيبٍ المَصِيرُ، والأَمَدُ للمقام (١) فيها طويل"، ويبكي حتى تكاد نَفْسُه تذهب، ثم يعود إلى الصخرة المقدَّسة معتكفه (٢)، فقدَّر الله أن يقتله (٣) الرُّومُ على باب قُبَّةِ الصخرة؛ شهيدًا في جملة شهداء المسجد الأقصى، ولم يدفن فيه، صدق الله: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (٤) [لقمان: ٣٤].

[تَتِمَّةُ الحديث في أحوال الزاهد]:

فإن لم يَتَّفِقْ فدارٌ يبتاعها أو يَبْتَنِيها (٥)، ولا بأس أن تبْتَنِيها (٦) ببناء يَثْبُتُ؛ لئلَّا يحتاج في كل وقت إلى رَمِّها فيكون شُغْلًا، ولا يتطاول فيها بجَوْدَةِ صِفَةٍ ولا بارتفاع، إلَّا أن يخاف اللصوص؛ فليرفع حتى يأمن، ولو شاء ربُّك لمَنَعَ الإمامُ بنِيَّتِه وعَدْلِه اللصوص (٧)، ولكن لم يفعلوا؛ فاحتاج الناس إلى التحصين.


(١) في (ص): أمد المقام.
(٢) في (ص): ثم يعود إلى معتكفه بالصخرة المقدسة.
(٣) في (ص) و (د): تقتله.
(٤) في (ك): والله عليم خبير.
(٥) في (ص) و (د): يبنيها.
(٦) في (ص) و (د): يبنيها.
(٧) في (ص) و (ك) و (د): اللص، وضبَّب عليها في (د)، والمثبت من الطرة.