للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا أوَّل المؤمنين ممَّن (١) خلق الله؛ فلم يَرِدْ في ذلك أثرٌ يُستنَد إليه، ولا خبر يعوَّل عليه.

[قوله تعالى: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ﴾]

وكذلك قال الله لمُحَمَّدٍ مُخْبِرًا عن عيسى: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾.

قيل: اتبعوك في قوله: ﴿عَبْدُ اللَّهِ﴾ [مريم: ٣٠]، وهي أوَّل كلمة تكلَّم بها، وقد بيَّنَّاه في "الأنوار"، وذَكَرْنَا طَرَفًا منه قبل هذا آنِفًا.

[اتِّبَاعُ موسى للخَضِرِ]:

وقد قال الله لمُحَمَّدٍ مُخْبِرًا عن عَبْدَيْهِ موسى وخَضِر: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦]، فكان موسى كليم الله، وصار مُتَعَلِّمًا فيما لم يعلم لعَبْدٍ من عَبِيد الله هو تحته، وموسى خيرٌ منه وأكرم، فسأله الاتِّبَاعَ وأجابه، وقال له: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف: ٧٠]، فشَرَطَ عليه في الاتِّبَاعِ الأصغاءَ، والاستماعَ، وتَرْكَ الاعتراض، وهذا حُكْمُ المُتَعَلِّم مع المُعَلِّمِ (٢) وأَدَبُه له، وقد بيَّنَّا طَرَفًا منه في اسم "العالم" (٣).

وكان عِلْمُ الخَضِرِ فيما يقال: "من غير تعليم، وإنما كان شيئًا يُلقى في نفسه؛ وهو الإلهام" (٤)، لقوله: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: ٦٥]،


(١) في (ك) و (ص): من.
(٢) في (ك) و (ص): العالم.
(٣) إنما ذكر ذلك في اسم "البرِّ"، في هذا السِّفْرِ، وترجمه بـ: ذِكْرِ بِرِّ المُعَلِّمِ.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٠٧).