للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القوة لله، وأن محلها القلوب في الأصالة، وأن الجوارح تَبَعٌ لها (١)، وأن قوة القول أكبر من قوة الفعل، ولا أَظْهَرَ من فضل التواضع (٢)، ورَأَتْ أنه فقير يتيم فاستضعفته، على عادة العرب، فأعزَّه الله وأظهره (٣)، ونصره وظفَّره، وأعلاه وأقهره، وأغناه عن كل شيء سواه، وذلك بما يسَّر له من شَرْحِ صدره، فإنه شَرَحَه بالمحسوس والمعقول.

[شَرْحُ صَدْرِ رسول الله]:

فأمَّا (٤) شَرْحُه بالمحسوس ففي مرَّتين:

إحداهما: أيَّام كان عند ظِئْرِهِ السَّعدية مُسْتَرْضَعًا، حتى انتفض وخرج يرتع، فبينما هو منتبذ في بطن وَادٍ مع أتراب له من الصبيان، إذ أقبل ثلاثة رَهْطٍ معهم طَسْتٌ من ذهب مملوء ثَلْجًا، قال: "فأضجعني أَحَدُهم، فشَقَّ (٥) ما بين ثَغْرَةِ صدري (٦) إلى منتهى سُرَّتِي، فلم أجد له مسًّا، ثم أخرج حُشْوَتِي فغسلها بذلك الثلج، فأَنْعَمَ غسلها، ثم أخرج الآخَرُ قلبي فصدعه، وأخرج منه بضعة سوداء فألقاها، وتناول بيده خاتمًا (٧) من نُورٍ فخَتَمَ به قلبي، ثم أعاده مكانه، فامتلأ قلبي نُورًا، ثم ضَمُّونِي، وقالوا لي: لا تُرَعْ، لو علمتَ ما يراد بك من الخير لقرَّت عينك" (٨).


(١) سقطت من (ك) و (ص).
(٢) مرَّضها في (د)، وكتب في الطرة: "لا ظهر من فعل المتواضع"، ولم يظهر لي فيها وجه فلم أثبتها، ورمز لها بـ: خـ.
(٣) سقط من (ك).
(٤) في (ك): وأما.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): ثم شقَّ.
(٦) في (د): صدر.
(٧) في (ك): خاتم.
(٨) أخرجه بنحوه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك : كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله إلى السماوات وفرض الصلوات، رقم: (١٦٢ - عبد الباقي).