للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُخْرِجُ إلى التعمد، لا سيما وعليك رقيبٌ يَرْعَى أحوالك، قال سبحانه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾ (١) [الأحزاب: ٥٢] وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]، وقال: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨].

والرِّقْبَةُ هي المراعاة بعينها، فأخبر سبحانه أنه رقيب على كل شيء، ثم أخبر أنه رقيب علينا، وهذا صحيح.

[رِقْبَةُ الله تعالى]:

والرَّقِيبُ في اللغة هو المُرَاعِي المنتظر لما يطرأ من أحوال المرقوب، فالباري تعالى رقيب على العرش والسماوات والأرض والمخلوقات بأجمعها، ولولا مراعاته للكل لما ثبت منها شيء على صفته، ولا بقي لحظة على حالته، وهو سبحانه مُرَاعِ لنا؛ يَتَرَقَّبُ أحوالنا بإدامتنا وإدامة أوصافنا وأفعالنا وأحوالنا، شيئًا شيئًا، دقيقة دقيقة، وجليلة جليلة، وليس في المخلوقات ولا في ملكوت الأرضين والسماوات شيء إلَّا وهو مُرَاع له (٢)، رقيب عليه، بنسبة معلومة، وقَدْرٍ معلوم، موصول أو مقطوع، موجود أو معدوم، هو شَهِيدٌ على الكل، يَعُدُّ السُّكون والحركة، والخطرات واللحظات، وهو أقرب إلينا من حَبْلِ الوريد، لَا قُرْبَ مسافة؛ فإنه محال على الله، ولكنْ قُرْبُ عِلْمِ وكرامة، وتحصيل وحفظ، وإحصاء وضبط، رَوْحٌ وأُنْسٌ للمحبين، وهيبة وخوف للمراقبين، وتهديد للعاصين (٣).


(١) في النسخ: "إن الله كان على كل شيء رقيبًا".
(٢) في (ك): لها.
(٣) ينظر: الأمد الأقصى - بتحقيقنا -: (٢/ ٤٧ - ٤٩).