للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد قال رسول الله (١) في الصحيح - لعُمَرَ: "ما آتاك الله من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف نَفْسٍ فخُذْهُ، وما لا فلا تُتْبِعْه نفسك" (٢)، فيَقُومُ بحَقِّ نفسه في المَعَاشِ والرِّيَاشِ، ويَقُومُ بحَقِّ الله في العبادة.

[تعارضُ أمر الدنيا والآخرة]:

فإن تعارضَا وازدحمَا، فقد كان أبو بكر الفِهْرِي محمد بن الوليد يقول لنا: "إذا تعارض لأحدكم أمران من الدنيا والآخرة (٣) فليُقَدِّمْ أَمْرَ الآخرة؛ فإنه يحصل له من ذلك أمر الدنيا والآخرة، وإن قدَّم أَمْرَ الدنيا فإنه يَفُوتُه أَمْرُ الآخرة"، وقد جرَّبته فوجدته كما قال (٤).

وإن قَدَّمَ أَحَدُكُمْ أَمْرَ الدنيا فحصل له فليَعْلَمْ أنه قد فاته أَمْرُ الآخرة؛ لأنَّه إن كان حَصَلَ له صُورَةً فقد فاته معنًى، من وجهين:

أحدهما: أن الذي فاته من أَمْرِ الآخرة أفضلُ من جميع الدنيا، فكيف مِنْ أَمْرِ واحدٍ عَرَضَ فيه (٥)!

وأمَّا الثاني: فإنه لا يُبَارَكُ له فيما حَصَلَ له من أَمْرِ الدنيا.

ومن حديث ابن حَنْبَل عن زيد بنْ ثابت قال سمعت رسول الله ، فذكر أحاديث منها: "من كان هَمُّه الآخرة جَمَعَ الله شَمْلَه، وجعل


(١) في (ص): النبي.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب : كتاب الزكاة، باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير مسألة ولا إشراف، رقم: (١٠٤٥ - عبد الباقي).
(٣) سقط من (ص).
(٤) ينظر: الأحكام: (٣/ ١٣٢٣)، ونقله عنه ابن بشكوال في الصلة: (٢/ ٢١١).
(٥) في (ص): فيها.