قال الإمامُ الحَبْرُ البَحْرُ أبو بكر بن العربي ﵁:"إنَّ ارتباط ايِ القرآن بعضها ببعض حتَّى تكون كالكلمة الواحدة مُتَّسِقة المعاني منتظمة البيان عِلْمٌ عظيم، لم يتعرَّض له إلَّا عالمٌ واحد؛ عَمِلَ منه "سورة البقرة"، ثم فَتَحَ الله لنا فيه، فلمَّا لم نَجِدْ له حَمَلَةً، ورأينا الخَلْقَ بأوصاف البَطَلَةِ؛ ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبَيْنَ الله ورَدَدْنَاهُ إليه"(١).
ومشى على هذا النمط في أصل كُتُبِه؛ "أنوار الفجر"، فلحظ المتفرق وما فرَّقه، ونظر إلى المجتمع وما جمعه، ولم يتعرَّض له كثيرًا في هذا "السراج"؛ لأنه خالصٌ لعلم التذكير، وذاك من "علم النَّظْمِ"، وبابٌ آخر من أبواب النظر في كتاب الله العظيم.
ولم يُخْفِ ابنُ العربي في سياقته لمعاني الآي كونها مجتلبة من كتابه "أنوار الفجر"، فلخَّص لبابها في هذا الكتاب، وبه استطعنا أن نتعرَّف منهجه، ونتبيَّن طريقته.
[المبحث الثاني: مسائله وموضوعاته]
ونَظَمَها على نَسَقِ العلوم الثلاثة؛ التوحيد، والأحكام، والتذكير، وراعينا ما راعاه، وقيَّدنا عنه ما توخَّاه، وهي:
الأولى: مسائلُ عِلْمِ التوحيد
وكان أكثر اعتنائه في تناوله لمعاني التنزيل وعلومه تنزيه الله تعالى عمَّا قاله فيه أهل الباطل، فذكر فيه ما فيه تعظيمٌ وتقديسٌ لله تعالى، ونزع بالآي إلى ما يُحَقِّقُ التوحيد ويُكَمِّلُه، وما يُقَرِّرُ التقديس ويُتَمِّمُه.