للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال العلماء: "فيها أَلْفُ أَمْرٍ، وأَلْفُ نَهْي، وأَلْفُ حُكْمٍ، وأَلْفُ خَبَرٍ" (١)، وقال ابن مسعود: "من أراد العلم فليُثَوِّرِ (٢) القرآن، فإنَّ فيه عِلْمَ الأوَّلين والآخِرِين" (٣).

صِفَةُ التَّعْلِيمِ:

وقد بيَّنَّا في كتاب "قانون التأويل" (٤) كيف يُقْرَأُ القرآن ويُعْلَمُ ويُعَلَّمُ، وقد كان عِلْمُ الألفاظ ومدلولاتها (٥) عند (٦) الصدر الأوَّل؛ لأنهم كانوا عَرَبًا عَرْبَاءَ (٧)؛ يعرفون معاني الألفاظ ومقاطع الكلام، ثم اختلط الخلق حتى فَسَدَتِ الأَلْسُنُ، وضَلَّتِ القلوب عن الحقائق حتى فسدت المعاني، فتعيَّن علينا- والحالةُ هذه- أن نبدأ بعِلْم الألفاظ، على وَجْهِ دِلَالَتِهَا على مدلولها، وأن نعلم مقاطع التعبير عنها؛ وهي الفصاحةُ التي يتميز (٨) بها لسانُ العرب الذي ورد القرآن به، وهو الذي نحاول معرفته.

فينبغي أن يُنَشَّأَ الطفل على تعليم العربية ومقاطع الكلام، ويُحَفَّظَ أشعار العرب وأمثالها، ويُلْقَى إليه من الحساب ما يُقِيمُ به دينه، ويكون دُسْتُورًا لعِلْم الفرائض، واستخراج المعلوم من المجهول، ففيه منفعةٌ في الدين، وتمرينٌ للأفهام، ويُدَرَّسُ من القرآن المفصَّل عند استقلاله ببعض


(١) وفي المسالك للقاضي (٣/ ٤٠٩): "سمعت بعض أشياخي يقول".
(٢) ثوَّر القرآن: بحث عن معانيه وعن علمه، وتثوير القرآن: قراءته ومفاتشة العلماء به في تفسيره ومعانيه، تاج العروس: (١٠/ ٣٤٣).
(٣) أخرجه الطبراني في أكبر معاجمه: (٩/ ١٤٦)، رقم: (٨٦٦٦).
(٤) قانون التأويل: (ص ٣٤٦ - ٣٤٨)، وينظر: العواصم: (ص ٣٧٠).
(٥) في (س) و (ص): مداولاتها.
(٦) في (س): في.
(٧) في (د) و (ز): عُرْبًا.
(٨) في (د) و (ص): تميَّز.