للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المقاصد، حتى إذا رَوِيَ من هذا الغرض مشى إلى العالم فأقرأه القرآن بتفسيره، ودرَّسه إيَّاه بمعناه، ويأخذه به من أوَّله، فلا يخطئ في وجهين:

أحدهما: أن يُعَلِّمَهُ القرآنَ منكوسًا (١)، ولا يقرأه (٢) كذلك إلَّا منكوس القلب.

والثاني: أن يُحَفِّظَ الصبيَّ كتاب الله وهو لا يَعْقِلُ منه حَرْفًا، فيتكلَّف استظهارَ ما لا طاقة له به، وإنَّما يَمُرُّ عليه كالعربي يحفظ التوراة بالعِبْرَانيَّة.

وإن عَقَلَ الصَّبِيُّ منه الألفاظ المستعملة عنده "كجاء" و"قام" و"قَعَدَ" و"جُلَسَ" لم يَقْدِرْ على رَبْطِها بما يتَّصلُ به، ولا فهْم ما تقتضيه فيما انتظمت معه.

فإن قَدَّرَ الله ونظرتُم في شيء من التفسير فأُحَذِّرُكم أنَّ كُتُبَ التفسير مشحونة بالأحاديث الموضوعة والمقاصد الفاسدة، فلا تقرؤوا (٣) منها إلَّا المُسْنَدَاتِ؛ "كتفسير عبد الرزَّاق"، و"ابن المنذر"، و"الطبري" لمن أراد أن يَتَبَحَّرَ، وأمَّا هذه المجموعات من غير أسانيد؛ فإنها مُشْتَمِلَةٌ على


(١) لعله يقصد بذلك ما جرت به عادة المغاربة من التدرج في حفظ القرآن للصبي؛ فتكون البَداءة بأواخر السُّوَرِ، ثم يترقَّى به إلى ما فوقه، إلى أن تكون سورة البقرة من آخر ما يحفظ، فهذا معنى التنكيس، أو يكون معنى التنكيس أن يقرأ آيَ السُّورة الواحدة منكوسة، أي: يقرأ من آخرها إلى أولها؛ وذلك ليقتدر على الحفظ، ويستدلُّ به الواحد على تمكنه منه، وجريان القرآن على لسانه، وهذا لا يجوز قطعًا، ففيه من الفساد الشيء الكثير، ينظر: شرح ابن بطَّال: (١٠/ ٢٣٩)، والحوادث والبدع للطرطوشي: (ص ٣٠١ - ٣٠٢).
(٢) في (ل): يقرأ.
(٣) في (د) و (ز): تقرؤون.