ويمكن النظر في هذه الأسماء على أنها تتناول البدايات والنهايات، ابتداءً بما بدأ به، وانتهاءً بما انتهى إليه؛ فأوَّل أحوال العبد الإيمان، وآخر أحواله أن يكون غريبًا مُتَبَتِّلًا؛ لأن الغربة ممَّا يدعو إلى التبتل والانقطاع عن الخلق.
وفيها صفات لم يدركها إلَّا الأنبياء، وأسماء لا تكون حقيقة إلَّا بالأصفياء؛ كاسم "الأوَّاه" و"المنيب".
وبعض الأسماء لا يَحُوزُ طَرَفَها الأعلى إلَّا الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، كاسم "المتواضع"؛ إذ المتواضع حقيقةً وصدقًا هو سيدنا مُحَمَّد ﷺ.
الرابع: وَجْهٌ آخر في نَظْمِ الأسماء
وقد يكون متعلق العبد من هذه الأسماء إنَّما بحسب عِلْمِه واقتداره، فيأخذ من كل اسم حظًّا منه، من غير أن يستوفيَه، أو يستوفيه إن قَدَرَ على ذلك، بما آتاه الله من المُكنة والمُنَّةِ، وقد يكون تعلقه باسم دون اسم، في وقت دون وقت؛ كاسم "الصائم" و"الحاج" و"المزكِّي"، وقد يجمع بين أوائلها وأواسطها من غير نفوذ إلى أواخرها، ولكنه مع ذلك يتشوَّف إليها، ويحرص عليها.
وقد تكون بعضُ تلك الأسماء إنما يقع النفع بها لمن كان من أهلها أو قارب منزلتها؛ كما هو الحال مع اسم "الأمير"، و"القاضي"، و"الفقيه"، و"المفتي"، و"الخليفة"، وغيرها.