للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمدَّ يده وتناول بها جُزْءَ "الغريب" الذي كنا نقرأ فيه، ثم أخرج يديه (١) من كُمَّيْهِ، وفتحه وحوَّل ورقه يطلبُ المَوْقِفَ، وهو يقول: الحمد لله على العافية، ثم أعطانا الجزء، وصرف يديه في كُمَّيْه، وما رأيناها قبل ذلك ولا بعده.

[اعتناءُ الوُعَّاظِ بالشعر]:

وسمعتُ محمد بن عبد الملك الواعظ (٢) وهو على المنبر (٣)، في الملتزم بين الركن والمقام، وهو يَعِظُ في ليلة من ليالي كانون الأوَّل (٤)؛ من حين فراغنا من صلاة العتمة إلى الفجر، ما نزل ولا انقطع له كلام في التملق لله والتحبب والتعطف (٥)، وأنشد في تلك الليلة نحوًا من ألف بيت، وقد قيَّدنا منها كثيًرا في "ترتيب الرحلة"، وكان من جملتها هذه الأبيات (٦):

بسطتُ نحو الحبيب كفَّا … أسأله بالغداة عَطْفَا

وقلتُ: يا سيدي تراني … وليس (٧) ما بي عليك يَخْفَى


(١) في (د): يده.
(٢) هو محمد بن عبد الملك التِّنِّيسِي المصري الصوفي، تقدَّم التعريف به.
(٣) بعده في (س) و (ف): يقول.
(٤) قَصَدَ الإمام ابن العربي أن يُظهر طُول الزمان الذي تحدَّث فيه وذكَّر ووعظ وابتهل، من غير انقطاع، فليالي كانون الأوَّل طويلة، والمدة الزمنية بين العتمة والغداة ما يقارب عشر ساعات، لهذا ذَكَرَ الشهر الأعجمي؛ لأنه أبلغ في الإفادة.
(٥) في (س) و (ف): التعطف والتحبب.
(٦) قوله: "هذه الأبيات" سقط من (د) و (ص).
(٧) في (د): فليس، وفي (ص): وليس حالي.