للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ ابتداء التوبة:

ولا تحصل للعبد التوبة إلَّا بخلق الله لها في العبد، فهو التوَّاب، أي: قابلها وخالقها، ومُيَسِّرها ومُهَيِّء أسبابها، ومُدِيمها إلى الخاتمة، قال الله سبحانه: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣].

قال الناس: "عَسَى من الله واجبة" (١).

قال الإمام الحافظ (٢): الذي يتحقَّق أن وعد الله واجب، فما أخبر به من وَعْدٍ (٣) فلابدَّ من حصوله على كل حال، كما بيَّنَّاه في "كتب الأصول" (٤)، وما رَجَّى به عبده فقد يُمْكِنُ أن يكون، وحروف الترجي لعلَّ وعسى، وليست بحروف قَطْعِ على ما عُلِّقَ عليها ليُوجَد، وإنَّما يكون القَطْعُ من أدلَّة أُخَر تقترن بها، فحَصِّلُوا هذا فإنه عِلْمٌ (٥) بالغ.

ومن أرجى ما قال العلماء في هذه الآية أنَّ قوله: " ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا﴾، يعني: التوبة، ﴿وَآخَرَ سَيِّئًا﴾، قال: نقضوا التوبة، وعادوا إلى ما كانوا عليه من الزلَّة" (٦).


(١) تفسير الطبري: (١٤/ ٤٤٧ - شاكر).
(٢) في (ك): قال الإمام الحافظ ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي ، وفي (ب): قال الإمام أبو بكر .
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): وعده.
(٤) ينظر: المتوسط في الاعتقاد- بتحقيقنا-: (ص ٤١٤).
(٥) في (ص): من علم.
(٦) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩).