للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمَّا تحقَّق الإرضاءُ له وَثِقَ بذلك وسَكَتَ عنهم، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه المُفَسِّرُونَ في قوله: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥]، قال: "والله لا يَرْضَى مُحَمَّدٌ وواحدٌ من أُمَّتِه في النَّار".

[[تتمة أقسام الهجرة]]

الرابع: الخُرُوجُ من أَرْضِ الكُفْرِ، فلا يَحِلُّ لمُسْلِمٍ أن يبقى فيها بإجماع من الأمة، وإن اختلفوا في حُكْمِه مع مُقامه فيها؛ هل له حُرْمَةُ المسلم أم لا؟ حسب ما بيَّناه في "مسائل الخلاف" (١).

الخامس: الهِجْرَةُ في طَلَبِ الدِّينِ، وقد فَعَلَه قَوْم (٢) في الجاهلية، فَمِمَّنَ أَنْجَبَ فيه وَرَقَةُ بن نوفل (٣) وزَيْدٌ، ومِمَّن خُذِلَ عنه أُمَيَّةُ بن أبي الصَّلْتِ الثَّقَفِي، وفَعَلَهُ في الشريعة جماعةٌ أوَّلُهم الكَلِيمُ؛ الجَلِيلُ القَدْرِ العَظِيمُ، فإنه رَحَلَ في طَلَبِ العلم، وماذا كان عنده من العلم! ولكن تَعَطَّشَ إلى المزيد، كما يَفْعَلُه المُحَقِّقُ المريد، فكيف من بَلَغَ إلى غايته؟

وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].

وقد رَحَلَ جَابِرُ بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس مَسِيرَةَ شَهْرٍ ليَسْمَعَ منه حديثًا واحدًا (٤).


(١) ينظر: تفسير الطبري: (٢٠/ ١٧٩ - التركي).
(٢) في (ص) و (د) و (ز): جماعة، وأشار إليها في (س).
(٣) قوله: "ابن نوفل" لم يرد في (ص) و (د).
(٤) الجامع الصحيح: (١/ ٢٦ - طوق).