للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالباري، وليس في ذلك دَهَشٌ ولا حيرة، إنما في ذلك شُبَهٌ وبدعة، ولم يرد الباري سبحانه أن يُعْلِمَ بصفاته ضرورة، وإنَّما قدَّر أن يُدْرَكَ بالنظر، وبتحرير العلم من الشُّبَهِ.

فإذا قال المبتدع: كيف تؤمنون بموجود ليس داخل العالم ولا خارج العالم (١)، وليس بجسم ولا عَرَضٍ؟

قلنا له: حقيقة الإيمان به أنه ليس كمثله شيء، ولا يحويه مكان، وهذه الألفاظ التي جُمعت (٢) فاسدة، لا يوصف الباري بأنه داخل ولا خارج، ولا أنه مؤلف، ولا أنه معدوم، ولا زائل، ولا يَحُولُ ولا يزول، ولا يتغيَّر بما خلق.

وألفاظ المبتدعة هي الفاسدة، فأمَّا العِلْمُ بالباري وذاته وصفاته فصحيح، ونَفْيُ المِثْلِيَّةِ عنه أصحُّ شيء، وليس له مائيَّة إلا ذلك، فأيُّ نَهْيٍ عن هذا أو نفي له؟ وكله بَيِّنٌ، وهو على المؤمن هَيِّنٌ.

[قُصُوُر الخَلْقِ عن معرفة الله ﷿] (٣):

ولا تعجبوا إلا ممَّن ينتمي إلى التحقيق، ويدَّعي قصور الخلق عن معرفة الله، مع أنه أظهر الموجودات، ولا يعلم السبب في قصور الخلق، فقال: "إنه (٤) إنما صار أظهر الموجودات لأنه مدلول عليه بكل وجه، شاهد له كل شيء، ليس في ملكوت السماوات والأرض ذرة إلا وهي عليه


(١) في (ص): منه.
(٢) في (د): جمعتم.
(٣) من طرة بـ (س)، وفوقها: بخطه، أي: بخط ابن العربي.
(٤) سقطت من (س).