للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قالت طائفةٌ من (١) الصوفِيَّةِ: "إن الفِكْرَ في الله إنما امتنع لأن العقول تتحيَّر فيه، فلا يُطِبقُه إلا الصِّدَيقُونَ، وإذا أطاقوه لم يُطِيقوا دوامه، ولو تعرَّضوا له لأفادهم حيرة ودَهَشًا" (٢).

وقد أخذه بعضُ (٣) المغاربة فقال في صفة أهل الإيمان: "يعتبر المتفكرون (٤) بآياته (٥)، ولا يتفكَّرون في مائية ذاته"، وهذا كلُّه نَوْعٌ من الغفلة؛ فإن الصفات التي تقوم بذات العبد على ضربين:

منها: ما لا يصح أن تتعلق بالباري سبحانه.

ومنها: ما يصح تعلقها به.

ولا خلاف في أن العلم يتعَلَّقُ بالباري باتفاق، فهو لنا معلوم، ولا يُؤَثِّرُ عِلْمُنا فيه، فإن العلم لا يُؤَثِّرُ في المعلوم، ولم يَجُزْ أن تتعلَّق لنا (٦) بالباري قدرة ولا إرادة؛ لأنهما صفتان تؤثران في المقدور، والباري سبحانه يُؤَثِّر ولا يَتَأثَّرُ.

واختلف الناس في الرؤية هل تتعلق به؟

وقد دللنا على أنها تتعلق به، ولا استحالة في ذلك ولا آفة، والنظر والفكر علوم مجموعة يتركب عليها علم، فلا استحالة في أن يتعلق


(١) قوله: "طائفة من" سقط من (ص).
(٢) الإحياء: (ص ١٨١٠).
(٣) هو الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، وذَكَرَه في الرسالة: (ص ٩ - أصل ابن الأزرق).
(٤) في (ف): المتفكر.
(٥) في (د) و (ص): يتفكرون في مخلوقاته.
(٦) سقطت من (س) و (ص).