للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العِلَّةُ في بقاء الطرطوشي بمصر (١)]:

وقد كنتُ أَتَكَلَّمُ كثيرًا بعد انْكِفَائِي عن العراق إلى الثَّغْرِ مع شيخنا أبي بكر الفِهْرِي في معنى مُقامه بتلك الأرض التي غلبت فيها المناكير على الجماهير، وتعدَّى إلى التوحيد وأصل الدين، وأُشِيرُ عليه بالخروج، ونتناظرُ (٢) في ذلك، وأحتجُّ عليه بالهجرة فيقول لي: "إني لا أخاف على نفسي شيئًا، وأدفع عن قلوب المؤمنين بمُقامي هذا كثيرًا من الشُّبَهِ، وأُقِيمُ بين قَوْم لهم قَبُولٌ للعِلْم، وحِرْصٌ على المطلب، ومعرفةٌ بالنظر، فأما بلاد المغرب - وإن كانوا على طريقة واحدة - فقد استولى عليهم الجَهْلُ، وفشا فيهم التقليدُ، وزَهِدُوا في النظر، وحُجِّرَتْ أَمْلَاكُهُمْ (٣) عليهم في (٤) ذلك، سيرة أَمَوِيَّة، ونشأة تقليدية، فإن سَلِمْتُ (٥) بينهم عِشْتُ ضَاِئعًا عندهم"، وجرى بيني وبينهم في ذلك كلام كثير، بدأتُه (٦) في "الأمالي (٧) "، واستوفيتُه (٨) في كتاب "ترتيب الرِّحْلَةِ للتَّرْغِيبِ في المِلَّةِ (٩) ".


(١) ينظر: أحكام القرآن: (١/ ٤٨٥).
(٢) في (د): تناظروا، وفي (ص): نتناظر معه.
(٣) قوله: "وحجرت أملاكهم" في موضعه بياض بـ (ص).
(٤) سقطت من (ص).
(٥) في (د) و (ص): سكنت.
(٦) في (ص): بدأناه.
(٧) في (د): الأُوَل، وما أثبتناه أشار إليه في طرته.
(٨) في (د): أستوفيه، وفي (ص): استوفيناه.
(٩) بعده في (د) قوله: "وغَالَبْتُ الأقدار فغَلَبَتْ عَلَيَّ بحياة الوالدة؛ التي لم يكن لها غيري، وكانت لَهْفَى حَسْرَى بَاكِيَةً عليَّ، فتعيَّن في الدِّينِ أن أَكِرَّ =