للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورَمَوْهُ في النار فأنجاهُ الله منها، ورأى أنه في مِحَنٍ متواترة فقال: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩]، فخرج من بينهم إلى الله ببَدَنِه، كما كان أبدًا ذاهبًا إلى (١) الله بقلبه، فذهابُه في طاعته أَوْجَبَ، ذَهَابَه إليه.

واختُلِفَ في الهداية التي طَلَبَ، وكانت حاصلةً له من قَبْلُ، إذ لو لم تكن (٢) هدايةٌ لما دعا إلى التوحيد، ولا كانت منه الحِجَاجُ، ولا طُولبَ في نفسه.

فقيل: طَلَبَ الهداية في الاستقبال، وسأل أن تَسْتَمِرَّ له (٣).

وقيل: سأل الهداية إلى موضع يَأْمَنُ فيه.

وقيل: إلى أعوان يكونون معه.

فأَخْرَجَهُ الله من الشام إلى مصر.

تَوْطِئَةٌ لمُحَمَّدٍ وتَأْسِيسُ الحَالِ له (٤):

وسَارَ هو وزوجُه لا ثالث معهما، فلمَّا دخل مِصْرَ تحدَّث الناسُ بجمال سَارَةَ، فبَلَغَ خَبَرُها جَبَّارَها؛ فأرسل إليه أن يَبْعَثَ بها، فلم يَقْدِرْ على الامتناع، إلَّا أنه قال لها: "إن سألك فقولي له: إنك أختي، فإنه ليس على الأرض أَحَدٌ يَعْبُدُ الله غَيْرِي وغيرك (٥) " (٦)، وقد بيَّنَّا فوائد الحديث في "أَنْوَارِ الفَجْرِ"، وفيه بَدَائِعُ وحِكَمٌ.


(١) في (د) و (ص) و (ز): إليه.
(٢) في (د): يكن.
(٣) لطائف الإشارات: (٣/ ٢٣٧).
(٤) في (س): "توطئةً .. تأسيسَ"، متصلة بما قبلها، ولم يجعلها ترجمة مفردة.
(٥) بعده في (ص): حقيقة الإكراه.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾، رقم: (٣٣٥٨ - طوق).