للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهواتُ الدنيا]:

وكان (١) مِن الزهاد (٢) مَن الدنانيرُ والدراهم عنده بمنزلة البَعَرِ، وهي معنى الدنيا، فمن أهانها فقد أخذ بزِمَامِ الزُّهْدِ، وقد بيَّنَّا أن الزهد قَطْعُ حظوظ النفس كلها؛ لاعتقادك أن النفس بشهواتها (٣) حقيرة، وبطاعاتها (٤) عظيمة، وهذه كما قدَّمنا المنزلة العظمى (٥)؛ فإن الدنيها كلها محبوبة مشتهاة، لأغراض ملائمة ومخالفة، والمخالف يفيد الملائم ويُعِينُ عليه، وأصولها سبعة، وهي في قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: ١٤] (٦).

وهذا البَعْضُ يَدُلُّ على ما سواه، وأشدُّ ما يُهلك الناس على العموم من هذه السَّبعة الأحمران، وهما: الذهب والفضة، فمن اتَّقى هذه الشهوات فله خَيْرٌ من ذلك، وهو جنَّات تجري من تحتها الأنهار، فيها ما تشتهيه الأَنْفُسُ وتَلَذُّ الأعين، وأزواج مُطَهَّرَةٌ؛ ليس فيهن (٧) دَنَسٌ ولا قَذَرٌ، ورضوانٌ من الله الذي هو أجلُّ من ذلك.


(١) قبله في (ف) و (ص): قد، وضرب عليها في (د).
(٢) في (ص): كان الزهري في الدنانير، وهو تصحيف.
(٣) في (ص): شهواتها.
(٤) في (ص): طاعاتها.
(٥) في (ص): وهذا كله غاية المنزلة.
(٦) في (ص): قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ إلى آخر الآية.
(٧) في (ف) و (ص): فيها.