للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمور أوساطها" (١)، ويتأوَّلون ذلك على ما ينتهي إليه الطَّرَفَانِ، فإن الابتداء إذا أخذتَ منه جهة وأَخذ الآخَرُ منه (٢) جهة، ثم تساوى البعدان، فحملوا ما بين المعنيين على ما بين المكانين.

والأوَّل: وسْط، بإسكان السِّين؛ لأنَّه ظرف.

والثاني: وسَط، بفتحها؛ لأنَّه معنى معقول غير محسوس.

والمراد بهذه الحِكْمَةِ في الاستعمال: "خير الأمور أفضلها (٣) "؛ فإن وسَط الشيء خِيَارُه (٤) - بفتح السين -، ووَجْهُ حَمْدِ هذه الحالة أنها منزلة بريَّةٌ من التكلف، ومُدرَكة في أكثر الأوقات لأكثر الناس دون تكلف.

فأمَّا تكلف الرفيع فيعسُر ضبطُه، وتكثر المحافظة عليه.

[رَفِيعُ الثياب]:

وأمَّا الرَّفِيعُ من الثياب: في "كتاب أخلاق النبيّ " وغيره: "أنه ابتاع حُلَّةً بعشرين بعيرًا" (٥)، وقد كان يَتَلَفَّعُ في الرداء، ويَتَسَجَّى بالشَّمْلَةِ، ويَلْتَحِفُ بالقَطِيفَةِ، ويشتمل بالكساء، ويلبس الحُلَلَ والأبراد،


(١) ينظر: شرح أمثال أبي عبيد: (١/ ٣١٧)، والمقاصد الحسنة للسخاوي: (ص ٢٠٥)، رقم: (٤٥٥).
(٢) في (س): منه الآخر.
(٣) في (د) و (س): أوساطها، ومرَّضها، وأثبتنا ما أثبته في الطرة وصحَّحه، وجاء على الصواب في (ز).
(٤) تفسير الطبري: (٣/ ١٤١ - شاكر).
(٥) أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي مرسلًا: (١/ ١٦٢)، رقم: (٢٨٦)، ولفظه: "اشترى حُلَّةً بسبع وعشرين ناقة"، وفي معناه ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس : (٢١/ ٣٧ - شعيب)، رقم: (١٣٣١٥)، وأخرجه أبو داود في سننه؛ كتاب اللباس، باب لبس المرتفع من الثياب، رقم؛ (٤٠٣٤ - شعيب).