للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يوم التغابن: وهو الاسم الخامس والأربعون]

وحقيقته في لسان العرب: ظُهُورُ الفضل في المعاملة لأحد المتعاملين، أو سقوط أحد العِوَضَيْنِ.

والدنيا والآخرة داران لعَمَلَيْنِ وحالين، وكل واحد منهما لله، ولا يُعطى إحداهما إلَّا لمن ترك نصيبه من الأخرى، قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾ [الإسراء: ١٨]، ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)(١) [الإسراء: ١٩]، والكل يُفِيضُ (٢) الله عليه عطاءَه، ولا يَظْهَرُ الفضل في المعاملة والنقص إلَّا في الآخرة عند قَبْضِ الجزاء، وهذا أحد الغَبْنَيْنِ، وهو حقيقةٌ.

وأمَّا الغبن الثاني: فهو دونه في القول، وهو مجاز (٣)، وذلك أن الحديث ورد بأنه يُقال للكافر: "هذا مقعدك في الجنة، أبدلك الله به هذا المقعد من النار، ويقال للمؤمن: هذا مقعدك من النار، أبدلك الله به هذا المقعد من الجنة" (٤)، ويَنْزِلُ به (٥) كلُّ واحد على منزلة صاحبه ودَرَجَتِه، فكأنَّه معاملةٌ وَقَعَ الغَبْنُ (٦) فيها لما (٧) يَرَوْنَ.


(١) في (ص): ﴿ومن أراد الآخر فسعيه مشكور﴾، وفي (س) و (د): ﴿فسعى لها سعيها فسعيه مشكور﴾.
(٢) في (ز): يقبض، وهو تصحيف.
(٣) في (ص): مجاز محاز.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) سقط من (س) و (د).
(٦) في (ص): من الغبن.
(٧) في (ص): ما.