للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فَرْضُ الدعوة]:

وما سبق من القَدَرِ لا يدفع عن الدَّاعي فَرْضَ الدعوة، لتقوم الحجة، وتظهر الحكمة، ويخلق مالك الملوك (١) الإنابة والإيابة (٢).

وقد بيَّن العلة فقال: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٧٩]، يعني: لم يخلق فيها العلم بصحة قول الداعي، غلبت عليها هواجسُ الهوى، وتردَّدت ما بين خواطر الشيطان، وأعينُهم في غشاوة عن الآيات، وسمعُهم وإن كان يُدْرِكُ الأصوات فقد حُجِبَ عن المعاني؛ المعقولات منه والمفهومات، ولذلك قال: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: ١٩٨]، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ﴾ (٣) [يونس: ٤٢]، ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ﴾ في عدم الرشاد، ﴿بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ (٤) [الفرقان: ٤٤]؛ لأنهم لم يُنْهَوا (٥) ولا أُمِروا ولا زُجِروا، وكل ما زاد في تصرُّفه زاد في تخلُّفه، ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ (٦) [الحج: ٤٤].

[التوفيقُ للقبول]:

وقد يَهْدِي الله بالتوفيق للنظر في الأدلة ثم لا يخلق القَبُولَ، فإذا خلق القبول مع صحة النظر بلغ العبد المأمول، وإلَّا فيكون قد رأى ولم يعتبر،


(١) ضبَّب عليها في (ص)، وفي الطرة: القلوب.
(٢) في (ك): الإباية، وفي (ب): أو الإيابة.
(٣) في النسخ: يستمع.
(٤) في النسخ: بل أضل.
(٥) في (ك): يَقْبلوا.
(٦) في (د): وإنها لا تعمى الأبصار.