للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو اعتبر ولم يقبل، ودُعِيَ فأعرض، وذُكِّرَ فلم يَذْكُرْ، والمدار والمعوَّل على ما يخلق في القلب من البصر والسمع؛ فإن العين والأذن إذا حصَّلتا وألقتا إلى القلب ما ألقتا ولم يقبل ذلك؛ صارت العينُ كأنَّها لم تبصر، والأذن كأنها لم تسمع؛ إذا (١) لم يظهر لما ألقتاه (٢) فائدة.

قال الإمام الحافظ (٣) : ولو اجتهد العبدُ غايةَ الاجتهاد ليبلغ من ذلك المراد ولم يكن فيما سبق له نصيبٌ من الكتاب بالرشاد؛ ضُرِبَ بينه وبينه أَسْدَادٌ، ولم ينفع الدعاء، ألا ترى كيف قيل لسيِّد الأولياء: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦]، هذا (٤) وهو ، كما قال الله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المؤمنون: ٧٣]؛ صراط الله، وله شرف النبوة، ومرتبة الرسالة، وحال الخُلَّة، والمقام المحمود، والحوض المورود، ولكنك لا تهدي من أحببت؛ لأنَّ هذا (٥) من خصائص الربوبية، وإمالةُ القلب من الباطل إلى الحق أو صَرْفُها بالعكس من خصائص القدرة الإلهية، فلا يكون ذلك لأَحَدٍ من البَشَرِيَّةِ (٦).

وصَرْفُ الباري عن ذلك بأسباب يَكْثُرُ تَعْدَادها من أحكامه وأفعاله، ليست من غرض "التذكير"، وإنَّما هي من "قسم التوحيد"، ففيه ينظر إن شاء الله.


(١) في (ك): إذ.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): ألقتَا.
(٣) في (ب): قال الإمام ابن العربي، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٤) سقط من (ك) و (ب).
(٥) في (د) - أيضًا -: الهداية.
(٦) ينظر: لطائف الإشارات: (٣/ ٧٣).