للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ حال الصحابة معه وبعده:

وأمَّا أصحابُه فقد كان منهم معه الغَنِيُّ والفقير، والكثير الحال، والقليل الحال، الثقيلُ الحاذ (١)، الخفيف الحاذ (٢)، وهو حَيٌّ بين أظهرهم، يُقَرِّرُ كلَّ واحد منهم على حاله، ويُسَوِّغُ له طريقته، وقد عاينوا سِيرَتَه وحاجته (٣)، وجُوعَه وفَقْرَه.

فأمَّا ما قرَّرَ فبيَّن به الجائز، وأمَّا ما كان عليه ودَعَا من التقلُّل من الدنيا والزهد فيها إليه فبيَّن به الأفضل؛ لأن الخلق لا يصلح لهم أن يكونوا في ذلك على سواء، ولو كان جميعُهم فقيرا أو كلهم غنيًّا (٤) أو جُمْلَتُهم أخيارًا أو فَجَرَةً لمَّا صحَّ المُلك ولا استقام الأمر، فسُبْحَانَ المدبِّر لذلك، والعالم بما فيه من سديد المسالك، وسيأتي تفصيلُ ذلك في موضعه إن شاء الله.

وقد رُوِيَتْ في أحوالهم أحاديثُ كثيرةٌ؛ لُبَابُها من الصحيح: أن عائشة قالت: "ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ من خُبْزِ الشعير يومين متتابعين حتى قُبض رسول الله (٥).


(١) في طرة بـ (س): خفيف الحاذ: قليل المال والعيال، والحاذ الظهر.
(٢) في (د) و (ص) و (ز): الكثير الحال الثقيل الحاذ، والقليل الحال الخفيف الحاذ.
(٣) في (د) و (ص) و (ز): حاجته وسيرته.
(٤) في (د): ولو كان جميعهم غنيًّا أو كلهم فقيرًا.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة : كتاب الزهد والرقائق، رقم: (٢٩٧٠ - عبد الباقي).