للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له أَمَلٌ بالمغفرة مع المعاصي فهو مُغْتَرٌّ أحمق، ففي الحديث الحَسَنِ: "الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أَتْتَعَ نفسه هواها وتمنَّى على الله" (١).

والذي أعتقده أن الرجاء (٢) إذا كان معه الإيمان فرجاء المغفرة للذنوب أنه رجاء حقيقة، وفي مقابلته خَوْفٌ لاستيفاء العقاب حقيقة.

[درجاتُ الرجاء والخوف]:

وللرجاء درجات، وللخوف درجات، فأعلى درجاته ملازمة الأمر بالامتثال، والمحافظة على الحدود بالاجتناب، وأدناها التزام التوحيد، وألَّا يسجد لغير الله، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٨] فهؤلاء في رَوْحِ الرجاء يقينًا، وقال أيضًا: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢] فحقَّق الرجاء لمن عمل عملًا صالحًا، وأضاف إليه عملًا سَيِّئًا.

قال بعضهم: "العمل الصالح: التوبة" (٣).

ولو كان كذلك لم يؤخر العمل السيئ في الذِّكْرِ، ولا قال في آخر الآية: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾، فإنَّ معناه عسى الله أن يُيَسِّرَ لهم التوبة، وإنَّما هو خبر عن قوم أطاعوا وعصوا، فأخبر أن الزَّلَّةَ لا تُحبط ثواب الطاعة، ولو أحبطته لم يكن العملُ صالحًا (٤).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) في (د): في خـ: الرجل.
(٣) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩).
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٥٩).