للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: أن هذا الحديث ضعَّفه الترمذي في "الجامع"، وقال: "هذا حديث غريب" (١)، وإنما قال الترمذي ذلك لجهالة مولى أبي بكر، لهذا نسبه ابن العربي إلى الحكمة مُعَوِّلًا على ما قال الترمذي.

ثالثها: وقد ذكره الإمام ابنُ العربي في موضع آخر من "السراج" (٢)، ونسبه إلى رسول الله ، وهذا ينقض ما أراده الغماري؛ من كونه لا يعرف الحديث، ومن كونه قليل الاطلاع، ولو فطن الغماري وتمهَّل لأدرك أن الإمام الحافظ أبا بكر بن العربي ممَّن شرح "جامع الترمذي"، فهو عارف بأحاديثه، ومع ذلك بدل أن يتثبت تعجَّل، وعجبًا لهذا الغماري؛ كلَّما زَعَمَ نَقْضًا صار نَفْضًا، وكلَّما ظنَّ نَقْدًا صار نَقْرًا، وتلك عادة الله مع من تحامل وحكَّم الهوى، بَدَلَ التقوى.

[تنبيه على سقط]

وفي أحد نقولات الغماري من "سراج المريدين"، قال: "رواه ابنُ العربي في كتاب السراج له، فقال: أخبرنا أبو محمد عبد الرزاق بن فُضَيل بدمشق: أنا أبو بكر المالكي" (٣).

قلتُ: ولم ينتبه الغماري إلى السقط الواقع في الإسناد، ولو فطن له لألصق التهمة بالإمام ابن العربي، وعَدَمُ تفطنه لهذا السقط يدل على عدم معرفته وقلة اطلاعه، وينادي عليه بالقصور في هذا الباب، وأن الرجل إذا لم تكن الكتب حاضرة لديه لا يستطيع أن يصنع أي شيء.


(١) الجامع: (٥/ ٥٢٣ - بشار).
(٢) سراج المريدين: (٤/ ٢٧٠).
(٣) المداوي: (١/ ٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>