للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وقد كان النبي (١) يَبِيتُ الليالي المتتابعة طاويًا، وأهله لا يجدون عَيْشًا، وكان أكثر خبزهم الشعير" (٢).

وكان يقول: "اللهم اجعل رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا" (٣).

وقد كان أصحابُ الصُّفَّةِ لا يأوون إلى أهل ولا مال، وإنَّما كانوا على الفُتُوحِ، إذا وجدوا أكلوا، وإذا فقَدوا صبروا (٤).

فإن قيل: فهل يجوز لأحد اليوم أن يفعل ذلك؟

[[الموازنة بين أهل الأندلس وأهل المشرق في العطاء والبذل]]

قلنا: البلاد تختلف (٥)، وأحوالُ الناس تتباين (٦)، فأمَّا بلادنا فإن البخل والقسوة استوليا على القلوب، فلا يفتقدون المحتاجين، ولا يعطفون بالصدقة على المُتَجَرِّدِينَ للعلم والمُتعَبِّدِينَ، فالتَّعَرُّضُ لذلك مَهْلَكَةٌ، ولا يجوز الإلقاء باليد إلى التَّهْلُكَةِ.


(١) في (ص): .
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه من حديث ابن عباس : أبواب الزهد عن رسول الله ، باب ما جاء في معيشة النبي وأهله، رقم: (٢٣٦٠ - بشار)، قال أبو عيسى: "هل حديث حسن صحيح".
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة كتاب الزكاة، باب في الكفاف والقناعة، رقم: (١٠٥٥ - عبد الباقي).
(٤) تقدَّم تخريجه، وينظر في أحوال أهل الصفة وعِدَّتِهم وأعيانهم كتاب حلية الأولياء للإمام الحافظ أبي نعيم الأصبهاني: (١/ ٣٣٧)، وقد تتَّبعهم واحدًا واحدًا، وذكر مكارمهم ومناقبهم.
(٥) في (د) و (س): مختلفة.
(٦) في (س): في خـ: متباينة.