للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تعلَّقوا بأن موسى (١) لمَّا كان المواعدة معه في اللقاء بعد الأربعين يوما وَحَّشَ نفسه عن الطعام والشراب (٢)، في جملة شروط فعلها، وخصال قضاها، على وجه التأهب للقاء الله سبحانه، وهذا لا يثبت، ولو صحَّ لم تكن فيه حجة؛ لأن الأنبياء من الطِّرَازِ الكريم، والشرف الصَّمِيمِ، الذي لا يُدانى في خِلْقَةٍ ولا خُلُقٍ، فقد ثبت أن النبي كان يواصل، وأراد (٣) أصحابُه المواصلة فقال لهم: "إني لستُ كهيئتكم، إني أَبِيتُ يُطعمني ربي ويَسْقِيني" (٤)، فأفاد النبيُّ بذلك بيانَ أن مواصلته (٥) لا يَسْلُب قُوَّتَه، ولو واصل غيرُه لسَلَبَ القُوَّةَ منه وِصَالُه، وذلك ممنوعٌ شرعًا.

وأمَّا الطائفة الثانية: وهي التي تأكلُ إذا وجدت، وتصبرُ إذا فقدت، فهي المهتدية، فعلى ذلك مضى الأنبياء والصالحون والسَّلَفُ الأقدمون، وخصوصًا نبينا محمد وأصحابه (٦).


=ابن العربي بأخبار لم تذكر إلَّا في هذا الكتاب، وأصله لمحي "ترتيب الرحلة"، وهو في حُكْمِ المفقود.
(١) في (ص): .
(٢) لم أجده بعد بحث، وفي الإحياء (ص ٩٧٦): "من طوى لله أربعين يومًا ظهرت له قدرة من الملكوت"، فلعل هذا منه ودال عليه.
(٣) في (ص): فأراد.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة : كتاب الصوم، باب النهي عن الوصال في الصوم، رقم: (١١٠٣ - عبد الباقي).
(٥) في (ص): وصاله.
(٦) في (ص): أجمعين.