للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا القولُ الأوَّل فليس لهم فيه أَثَرٌ صحيح من القرآن ولا من السُّنَّةِ، وإنَّما هي (١) أخبارٌ تُحْكَى عن قوم من الفقراء (٢)؛ من المتأخرين لا من (٣) السَّلَفِ الماضين، وما حفظتُ في ذلك شيئًا إلا عن عبد الله بن الزبير؛ فإنه كان يواصل الصيام؛ فيفطر من الجمعة إلى الجمعة (٤)، وكان (٥) فِطْرُه على شيء من الصَّبِرِ يُعَتِّقُ مِعَاهُ للطعام والشراب، ولعله إنما كان يقصد بذلك مواصلة الصيام، لا رياضة النفس على ترت الطعام، بالوجه الذي تحاوله هذه الطائفة (٦).

وقد كان شيخُنا أبو بكر الفِهْرِي رَاضَ نفسه على الوصال على مذهب الصوفية بالمسجد الأقصى - طهَّره الله (٧) -، فصام من يوم السبت، وأفطر (٨) بوم الأربعاء، وأُرَى (٩) أنه يَضْعُفُ عن خِدْمَةِ العلم بالمدارسة والمذاكرة فتركَهُ (١٠).


(١) في (ص): هو.
(٢) ينظر: اللمع لأبي نصر السرَّاج: (ص ٢٨٤)، والرسالة لأبي القاسم القُشَيري: (ص ١٧١).
(٣) في (ص): في.
(٤) أخرجه ابن سعد في الطبقات: (٦/ ٤٨٥)، وأبو نعيم في الحلية: - (١/ ٣٣٥).
(٥) في (ص): يكون.
(٦) ينقد ما ذهب إليه الإمام أبو حامد في إحيائه: (ص ٩٧٦)، إذ قال - بعد حكايته لأحوال من سلك طريق التقلل من الطعام -: "كانوا يستعينون بالجوع على طريق الآخرة".
(٧) في (ص): عمره الله بدعوة الإسلام.
(٨) في (ع): فأفطر.
(٩) في (ص): رأى.
(١٠) هذا من مستغرب أحوال الإمام أبي بكر الطرطوشي، وقد تفرَّد عنه القاضي =