للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسماءُ النفس وأحوالها]:

ولها أَسْمَاءٌ في أحوال، وهذه إشارةٌ إليها:

اعلموا -وفَّقكم الله- أنَّ بِنَاءَ "ن ف س" في لسان العرب يَتَصَرَّفُ على مَعَانٍ قد بينَّاها في "الأَمَدِ" (١) وغيرِه.

أَصْلُها: أنَّها ذَاتُ الشيء، ورُوحُه، ورَفِيعُه (٢)، ودمُه، ويرتبط بهذه الأربعة غيرُها (٣)، وربَّما رجعت إلى اثنتين (٤)، وقد تكون -كما قدَّمنا- مَمْدُوحَةً، وقد تكون مَذْمُومَةً.

وقد عبَّر الله بها عنه فقال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة: ١١٨].

حتَّى قال بعض الغافلين: "إنَّ الأوَّلَ هُوَ الثاني بعَيْنِه".

وهو غباوة أو تعسف.

وإنَّما معناه: تَعْلَمُ غَيْبِي ولا أَعْلَمُ غَيْبَكَ، وضرَبَ له مَثَلًا ما في نَفْسِ الإنسان، أي: ما في ذاته مَطْوِيًّا، أَلَا تراه كيف بَيَّنَهُ بقوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾، كما قال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨] أي: صفاته؛ لأنها قائمة به، وذلك غضبُه وسَخَطُه، وأفعالُه من نقمته وعقابه، وأُضِيفَ الكُلُّ إلى النَّفْسِ لأنها تقوم به وتَصْدُرُ عنه، كما قال: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي


(١) الأمد الأقصى -بتحقيقنا-: (١/ ٢٦٧ - ٢٦٩).
(٢) في (ص): رفعته.
(٣) بعدها في (ز) سَقَطٌ بمقدار ورقتين.
(٤) في (د) و (ص): اثنين.