للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي (١) : كان ابن عمر يصلي من الظهر إلى العصر، وكان يَرعُ (٢) عمَّا حرَّم الله، فأراد سعيد بن المسيب أن يُبَيِّن أن الوَرَعَ عمَّا حرم الله والفِكْرَ في أمر الله خَيْرٌ من الصلاة دون وَرَع كما يفعله الناس، فإنهم يصلون ويصومون ولا يَرِعُون (٣) عن حرام، ولا يتفكَّرون في أمر.

[مجالُ الفِكْرِ ومَحَالُّه (٤)]:

ومجالُ الفكر ومَحَالُّه أفعال الله، وهي منقسمة إلى قسمين:

عامَّة: كالسَّماوات والأرض، وما اشتملت عليه من صنوف الآيات وعجائب المخلوقات.

وخاصة: وهي: ذات المُتَفَكِّرِ وأفعاله (٥).

فأمَّا أفعال الله العامَّة إذا تفكر الناظر فيها فإنها تفيدُه معرفةً بقَدْرِ كل فكرة، وإيمانًا بإزاء كل عبرة، وتوحيدًا عند كل نظرة، وذلك هو المطلوب الأكبر، والمقصود الأظهر؛ فإذا رأى السماء سقفًا مرفوعًا، والأرض مِهَادًا موضوعًا، قد (٦) زُيِّنتْ تلك بشمسها (٧) وقمرها وزُهْرِها، ورُتِّبَ طلوعُها وغروبُها، ودُبِّر مَسِيرُها ذاهبةً وراجعةً، مَمْحُوَّةً ونيَّرَة، وقد زُخْرِفتْ هذه


(١) في (د): قال الإمام الحافظ، وفي (ص): قال الإمام أبو بكر بن العربي.
(٢) في (ص): يتورع.
(٣) في (ص): يتورعون.
(٤) ينظر: أحكام القرآن: (٢/ ٨١٧).
(٥) قوله: "وهي: ذات المتفكر وأفعاله" بيَّض له في (ص).
(٦) في (د): وقد.
(٧) في (س) و (ف) و (ص): شمسها.