للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا (١) النسخ فلا سبيل إليه؛ لأن النبي قد كُوشِفَ بهم في الآخرة، ورأى أحوالهم في القيامة، وأَعلمه (٢) بصفتهم وعددهم وخصلتهم، فهذا ما لا يَصِحُّ نَسْخُه بحال من الأحوال، وإنما استرقى النبيُّ لنَفْسِه - وإن كان الأفضل ترك الرُّقية - رحمةً بأُمَّتِه، حتى يأنسوا به، فهو يَرْقِي ويعلم أن المقصود منها ذكر الله على كل حال، وإليه المرجع والمآل، وهو الذي يُدَبِّرُ الأمور، ويقلب الأحوال.

وقد كان يفعل ما الأفضل أن يفعل غيره (٣)، رِفْقًا بالأمة؛ لئلَّا يشق عليهم ألَّا (٤) يتأخَّروا عن فِعْلِه، ويتكلَّفوا (٥) ما لا طاقة لهم به، فجزاه الله أفضل ما جزى به نبيًّا عن أمته (٦)، و ، وتغمَّده الله بفضله ورحمته.

[تدريج]

فإن قدَّر الله عافيته، وأعاد صحته؛ دام بقاؤه في مقامه الأول، وهو الدنيا، وعادت عليه (٧) وظائفه نظرًا للأُخرى، وطَفِقَ يتردَّد (٨) كما كان؛ بين ما يهوى أو ما هو به أحرى، فلينظر على أي صرعيه يقع، وليَبْتَدِرْ ما هو له أنفع، وإيَّاك أن تطمع في أن تأتلف له الدنيا والآخرة أو تجتمع، وما أبعد


(١) في (د) و (ص) و (ز): فأما.
(٢) في (ص): أعلم.
(٣) في (ز): يفعل ما تركه الأفضل، لكن يفعل غيره.
(٤) في (ص): أن.
(٥) في (س): يتكلف.
(٦) قوله: "عن أمته" سقط من (د).
(٧) في (ص): إليه.
(٨) في (د) و (ص) و (ز): كما كان يتردد.