للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديثه هنا عن الإمامين المحاسبي والقشيري دَالٌّ على أن التصوف الذي يرتضيه هو تصوف هذين ومن سلك مسالكهما، وآخِرُهم المنظور إليه بالإمامة هو أبو القاسم، وفي ذلك إيماءٌ إلى أنه لم يجد بعده من تُرتضى طريقته، وأنَّ من رام شيئًا من هذا العلم فعليه بكُتُبِ هذا الرجل، فهو قُطْبُ قومه، وسَيِّدُ ناسه، ويأتي التعريف ببعض هذه الكتب في فصل مصادر "السِّرَاجِ"، وفيها نَذْكُرُ وَزْنَ هذه الكتب وأثرها في هذا الكتاب، وما قَبِلَه منها وما زَيَّفَه، ونذكر طريقة تحملها، ومعيار تفاضلها.

الفرع الثاني: ثناءُ ابن العربي على الصوفية وذِكْرُه لمناقبهم

قال الإمام ابنُ العربي : "ولقد رأيتُ في هذه الطائفة أعيانًا جِلَّةً، يَفْخَرُ بهم على سائر المِلَلِ أَهْلُ هذه المِلَّةِ؛ عِلْمًا وقَصْدًا، وحُسْنَ سَمْتٍ وتُؤَدَةً، وتَبَتُّلًا لله، وخشيةً وزُهْدًا في الدنيا، وكرامات كثيرة" (١).

وبهذا يكون الإمام ابن العربي مُعَظِّمًا للصوفية، ومُنْزِلًا لهم منزلتهم التي تليق بهم، ذاكرًا لهم خِلالهم وخصالهم التي تميَّزوا بها عن غيرهم، حتى جعلهم الإمامُ إحدى مفاخر هذه الأمة التي يُفْخَرُ بها على سائر الأمم السَّابقة، وذَكَرَ من جميل صفاتهم ما يقضي لهم بالتَّجِلَّةِ والتَّكْرِمَةِ.

ثم قال: "إنهم كسائر الطوائف من أصناف العالمين؛ فإنَّ فيهم الغَثَّ والسَّمين، والصالح والطالح" (٢).


(١) سراج المريدين: (١/ ١١٣).
(٢) سراج المريدين: (١/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>