للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِجَابَةُ المُضْطَرِّ (١):

وقال سبحانه: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢].

وللعَبْدِ حالتان؛ حالة اختيار، وحالة ضرورة، وكل واحدة مَحَلُّ للعبادة، ومن عبادات الاختيار (٢) الشُّكْرُ، ومن عبادات الضرورة الصَّبْرُ، وكل واحدة- أيضًا- مَحَلٌّ للدعاء، فالرخاءُ مَحَلُّ دعاء العافية، والضرورة مَحَلُّ دعاء الكشف، وأكثرُ ما ينفع الدعاءُ في الضرورة بما تقدَّم من الرخاء.

قال الله تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧ - ٨٨]، وليس هاهنا صَرِيحُ دعاء، وإنما هو مضمونُ قوله: ﴿سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فاعترف بالظلم لأنه استعفى (٣) منه، فكان تلويحًا، ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، أي: نُخَلِّصُهم من هَمِّهِم بما سَبَقَ من عَمَلِهم، وذلك قوله: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصافات: ١٤٣ - ١٤٤]، وهذا حِفْظٌ من لله لعبده يونس؛ لأنه راعى له حَقَّ تعبده، وحَفِظَ ذِمَامَ ما سَلَفَ له في طاعته، فقال: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.


(١) قوله: "إجابة المضطر" سقط من (د) و (ص).
(٢) في (د) - أيضًا-: الاختيار، وفي (ص): الرجاء.
(٣) في (س): استغفر.