للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ممَّا لم أفهمه لقُصُورِ عِلْمِي عن عِلْمِه، فإن صحَّ فإنه إشارة إلى عُلُوِّ درجته في التوكل، والثقة بالله في وفائه بوعده وسَعَةِ خزائنه، ولكن بَقِيَّ عليَّ الغلاء (١)، ولا صبر للعامَّة معه.

[أَسْوِلَةٌ في التوكل وأجوبتها]:

فإن قال: "أَرْحَلُ لطَلَبِ رِزْقي"، كان الجواب على قَدْرِ حاله؛

فإن كان من أهل العلم قلتَ له: الرزق في السماء، فأَنْزِلْهُ بمجاديحه (٢).

وإن كان من أهل العمل قلتَ له: اطلبه بمحاسن الأسباب وجائزاتها.

فإن قيل: فقد بيَّنتم أن التعلق بالأسباب الجالبة للنفع المقتضية للكسب المفيدة للرزق جائز، وأن ذلك لا ينافي التوكل، فماذا تقولون في الأسباب الرافعة للضر، هل يُناقِضُ مباشرتها حال التوكل؟

فإن قلتم: يناقض التعلق بها حق التوكل وحقيقته.

قلنا لكم: فما الفرق بينها وبين الأسباب الجالبة؟

وإن قلتم: لا يناقضها؟

قلنا لكم: فما معنى قول النبي: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب؛ هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيَّرون، وعلى ربهم يتوكلون"، وقد تقدَّم من قول الله: ﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ٩ - ١٠].


(١) في (ب): العلاء.
(٢) في (ص): بمجادحه.