للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَصْلُ الوفاء بالعهد والالتزام للعقد عَقْدُ "لا إله إلا الله"؛ فإنها للمعرفة به، والتصديق برسوله (١)، والامتثال لحدوده، حتى أَمَرَ النبيُّ بالوفاء بعهود الجاهلية والقيام بحقوقها، إلَّا ما نُسِخَ من الميراث.

وكذلك الوفاء بعقود المعاملات؛ بما فيها من الوظائف والشروط، ويتبعها من الأحكام والحقوق، كالبيع ونوعه، والنكاح في أصله، والنذور والأيمان والوعد، وذلك كله مُبَيَّنٌ في موضعه.

[حِفْظُ الأسرار]:

وقد يكون العَهْدُ بالقول، وقد يكون بالفعل، مثل أن يُحَدِّثَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بالشيء وهو يلتفت، فيكون ذلك عهدًا في الحديث بالكتمان، فإذا أظهره فقد غَدَرَ به.

وقد يكون ما يطَّلع عليه المَرْءُ من غيره ممَّا يعلم أنه يضرُّه إظهارُه، فعَهْدُه عليه ألَّا يُطْلِعَ أحدًا عليه، وهو الذي قال النبي : "لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جارُه بوائقَه" (٢)، وقال: "المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده" (٣)، إلَّا أن يَتَوَجَّهَ فيما سَمعَ منه حَقٌّ لغيره عليه، فإنه تلزمه الشهادة به عليه.

وتتعارض حينئذ الحقوق، فهذا له عَهْدٌ فيما حدَّث به، وذلك له عَهْدٌ فيما وجب له، فاتَّفقت الأمَّة على أن عَهْدَ الذي وجب له الحق أَوْكَدُ من عهد الذي حدَّث بالقول، وسواء كان في إظهار السِّرِّ ضَرَرٌ أو لم يكن إذا جعله عندك سرًّا فإنه لا يجوز لك أن تُحَدِّثَ به.


(١) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): برسله، وضعَّفها في (د)، والمثبت من طرته.
(٢) تقدَّم تخريجه في السِّفْرِ الثاني.
(٣) تقدم تخريجه في السِّفْرِ الثاني.