للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زُهْدُ أبي يزيد البِسطامي]:

وما رأيتُ أبدع في مَثَلِ الدنيا وقَدْرِها وقيمَةِ إبليس صاحبها من قول أبي يزيد البِسْطَامِي؛ فإنه رُوي عنه في (١) أخبار العُبَّادِ أنه دخل على قوم فيهم أبو موسى عبد الرحيم الصُّوفِي، فقال لهم: في أي شيء تتكلمون؟ قالوا: في الزهد، قال (٢): في أي أنواعه؟ قالوا (٣): في الزهد في الدنيا، فنَفَضَ (٤) يده، وقال: ظننتُ أنه يُتكلَّم (٥) في شيء، الدنيا لا شيء، مَثَلُ من تَرَكَ الدنيا - عند أهل المعرفة - مَثَلُ من مَنَعَه كَلْبٌ عند باب المَلِكِ عن (٦) الدخول إليه، فألقى له (٧) لقمة شَغَلَه (٨) بها ودخل الباب، ووصل إلى الملك وأقبل عليه فنال القُرْبَ منه، أفترى (٩) أنه يرى لنفسه عند الملك يدًا بأن ألقى لكلبه لقمة في مقابلة ما ناله، فالشيطان كَلْبٌ على باب الله؛ يمنع الناس من الدخول عليه، والباب مفتوح، والحجاب مرفوع، والإذن موجود، والشرط غير مفقود" (١٠).


(١) سقطت من (ص).
(٢) في (د): قالوا، وهو سبق قلم.
(٣) في (د): قال.
(٤) في (ص): "قال: فقبض".
(٥) في (ص): أنكم تتكلمون.
(٦) في (ص): من.
(٧) في (ص): إليه.
(٨) في (ص): فشغله.
(٩) ضبَّب عليها في (د)، وفي الطرة: في خـ: أترى.
(١٠) الإحياء: (ص ١٥٨١).